فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْوُقُوعِ عَلَى الْحَامِلِ وَهِيَ كَذَلِكَ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي تَطْلِيقِ الرِّجَالِ نِسَاءَهُمْ اللَّاتِي أَمَرَ آبَاؤُهُمْ بِذَلِكَ هَلْ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِمْ فِي بِرِّ آبَائِهِمْ أَمْ لاَ‏؟‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ قَدْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى أَشْكَلَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه حَتَّى قَالَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ وَهُوَ ابْنُ السَّائِبِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ إنَّ رَجُلاً مِنَّا أَمَرَتْهُ أُمُّهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَلَمَّا تَزَوَّجَ أَمَرَتْهُ أَنْ يُفَارِقَهَا‏,‏ فَارْتَحَلَ إلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ‏:‏ مَا أَنَا بِاَلَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُطَلِّقَ‏,‏ وَمَا أَنَا بِاَلَّذِي آمُرُك أَنْ تُمْسِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْوَالِدَةُ أَوْسَطُ بَابِ الْجَنَّةِ فَاحْفَظْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوْ ضَيِّعْهُ أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الشَّكُّ مِنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَوَفَّقْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ هَذَا‏.‏

فَكَانَ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ جَوَابًا لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ إمْسَاكٍ‏,‏ وَمِنْ فِرَاقٍ فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ فِيهِ حَقِيقَةُ الْوَاجِبِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا هِيَ‏؟‏ فَوَجَدْنَا بَحْرَ بْنَ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلاَنِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ أُحِبُّهَا وَكَانَ أَبِي يَكْرَهُهَا فَأَمَرَنِي أَنْ أُطَلِّقَهَا فَأَبَيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ طَلِّقْ امْرَأَتَكَ فَطَلَّقْتُهَا‏.‏

وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَسُلَيْمَانَ بْنَ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيَّ قَدْ حَدَّثَانَا قَالاَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مِنْ حَقِّ الْوَالِدِ فِي هَذَا عَلَى ابْنِهِ إجَابَتَهُ أَبَاهُ إلَى مَا يَسْأَلُهُ إيَّاهُ مِنْ هَذَا‏,‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ كَانَ مِنْ حَقِّ وَالِدَةٍ عَلَى وَلَدِهَا أَوْجَبُ‏,‏ وَلِوَلَدِهَا أَلْزَمُ‏;‏ لأَنَّ حَقَّ الْوَالِدَةِ عَلَى الْوَلَدِ يَتَجَاوَزُ حَقَّ الْوَالِدِ عَلَيْهِ وَسَيَجِيءُ بِذَلِكَ مَنْصُوصًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْضِعِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَاَلَّذِي يُؤْمَرُ بِهِ الْوَلَدُ فِي هَذَا غَيْرُ مُبِيحٍ لَهُ فِيهِ طَلاَقَ زَوْجَتِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَهَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ طَلاَقِهَا فِيهِ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ طَلاَقُهُ إيَّاهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الطَّلاَقَ فِيهِ لاَ فِي ضِدِّهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ وَالإِعَانَةَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْمُبَادَرَةِ بِالْمَوْتِ النَّشْوَ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ أَحَدَهُمْ لِيُغَنِّيَهُمْ‏,‏ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهًا

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ عَنْ عُلَيْمٍ قَالَ‏:‏ كُنَّا جُلُوسًا عَلَى سَطْحٍ مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَزِيدُ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ عَبْسٌ الْغِفَارِيُّ وَالنَّاسُ يَخْرُجُونَ فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ عَبْسٌ يَا طَاعُونُ خُذْنِي ثَلاَثًا يَقُولُهَا قَالَ عُلَيْمٌ لِمَ تَقُولُ هَذَا أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ وَلاَ يُرَدَّ فَيُسْتَعْتَبَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا إمْرَةَ السُّفَهَاءِ‏,‏ وَكَثْرَةَ الشَّرْطِ‏,‏ وَبَيْعَ الْحُكْمِ‏,‏ وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ‏,‏ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ‏,‏ وَنَشْئًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ أَحَدَهُمْ لِيُغَنِّيَهُمْ‏,‏ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهًا‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عُلَيْمٍ‏,‏ قَالَ‏:‏ كُنْتُ مَعَ عَبْسٍ الْغِفَارِيِّ عَلَى سَطْحٍ فَرَأَى قَوْمًا يَتَحَمَّلُونَ مِنْ الطَّاعُونِ فَقَالَ‏:‏ مَا هَؤُلاَءِ‏؟‏ قِيلَ‏:‏ يَتَحَمَّلُونَ مِنْ الطَّاعُونِ‏.‏

قَالَ‏:‏ يَا طَاعُونُ خُذْنِي يَا طَاعُونُ خُذْنِي فَقَالَ ابْنُ عَمٍّ ذُو صُحْبَةٍ لِمَ تَتَمَنَّى الْمَوْتَ‏,‏ وَقَدْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ‏؟‏ فَقَالَ لَهُ عَبْسٌ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ‏,‏ فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَقَدْ رَوَيْتُمْ لَنَا قَبْلَهُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ قَالَ مَا يَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِشَيْءٍ مَا يَأْذَنُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ وَفِي ذَلِكَ حَضُّ النَّاسِ عَلَى تَحْسِينِ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ‏,‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْمَرُونَ بِهِ فِي أَنْفُسِهِمْ كَانَ دَلِيلاً عَلَى إبَاحَتِهِمْ اسْتِمَاعَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ كَمِثْلِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه‏.‏

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ‏:‏ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إذَا رَأَى أَبَا مُوسَى قَالَ ذَكِّرْنَا يَا أَبَا مُوسَى فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ وَكَانَ أَبُو مُوسَى حَسَنَ الصَّوْتِ‏.‏

قَالَ وَفِيمَا رَوَيْتُمُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِالْمَوْتِ النَّشْوَ الْمَذْكُورَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ‏;‏ لاِِتِّخَاذِهِمْ أَئِمَّةً فِي الصَّلاَةِ لأَصْوَاتِهِمْ وَلَيْسُوا لِلإِمَامَةِ بِمَوْضِعٍ إذْ كَانَتْ السُّنَّةُ مِنْهُ، صلى الله عليه وسلم، أَنْ يَؤُمَّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ‏,‏ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً‏,‏ فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ‏,‏ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً‏,‏ فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِي مَوْضِعِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

فَكَانَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَؤُمَّ الْقَوْمَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ كَانَ مَعَهُ حُسْنُ صَوْتٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حُسْنُ صَوْتٍ وَكَانَ مَنْ رَغِبَ عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا سِوَاهُ مِنْ حُسْنِ الصَّوْتِ رَاغِبًا عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَذْمُومًا فِي اخْتِيَارِهِ مِمَّنْ يَجِبُ أَنْ يُبَاشِرَ الْمَوْتُ أَمْثَالَهُ‏,‏ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّنْ يُحَسِّنُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ لِيَرِقَّ لَهُ قَلْبُهُ‏,‏ أَوْ لِيَرِقَّ لَهُ قُلُوبُ سَامِعِيهِ مِنْهُ فِي شَيْءٍ‏,‏ وَلَوْ اجْتَمَعَ اثْنَانِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَا بِذَلِكَ مُسْتَحِقَّيْنِ لِلإِمَامَةِ مِنْ حَيْثُ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتِحْقَاقَهُمَا لَهَا بِهِ مَا كَانَ مَكْرُوهًا أَنْ يُقَدَّمَ لَهَا مِنْهُمَا أَحْسَنُهُمَا صَوْتًا عَلَى الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ حُسْنُ صَوْتٍ وَلاَ يَكُونُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُعَنَّفًا فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَوَهَّمَهُ هَذَا الْجَاهِلُ فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ‏,‏ وَقَدْ وَصَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّهُ لاَ يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ مِمَّا يَنْفَرِدُ بَعْضُ رُوَاتِهِ بِأَنَّهُ قَالَ فَمَا يَزَالُ عَلَيْهَا حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُشَرِّكَانِهِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ يَقُولُ اقْرَءُوا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ يَكُونُ فِيهَا جَدْعَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُشَرِّكَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ وَيُكَفِّرَانِهِ‏,‏ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏:‏ الَّذِي يَمُوتُ حِينَ يُولَدُ‏؟‏ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَكُلُّ مَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ فَمَرْجِعُهُ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ الْهِلاَلِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنْ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَ الأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَصَّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ غَزَوَاتٍ فَتَنَاوَلَ أَصْحَابُهُ الذُّرِّيَّةَ بَعْدَ مَا قَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَلاَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ ثُمَّ تَنَاوَلُوا الذُّرِّيَّةَ‏؟‏ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسُوا أَبْنَاءَ الْمُشْرِكِينَ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ أَخْيَارَكُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ أَمَا إنَّهُ لَيْسَتْ تُولَدُ نَسَمَةٌ إِلاَّ وُلِدَتْ عَلَى الْفِطْرَةِ فَمَا يَزَالُ عَلَيْهَا حَتَّى يَبِينَ عَنْهَا لِسَانُهَا فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا أَوْ يُنَصِّرَانِهَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ غَيْرَ أَنَّا لَمَّا تَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ وَجَدْنَا فِيهِ قَالَ حَدَّثَ الأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ قَالَ كُنَّا فِي غَزَاةٍ لَنَا فَأَصَبْنَا وَقَتَلْنَا فِي الْمُشْرِكِينَ حَتَّى بَلَغَ بِهِمْ الْقَتْلُ إلَى أَنْ يَقْتُلُوا الذُّرِّيَّةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ بَلَغَ بِهِمْ الْقَتْلُ إلَى أَنْ قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ ذُرِّيَّةً أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ ذُرِّيَّةً قِيلَ لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسُوا أَوْلاَدَ الْمُشْرِكِينَ‏؟‏ قَالَ أَوَلَيْسَ أَخْيَارُكُمْ أَوْلاَدَ الْمُشْرِكِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ يُونُسَ الزَّيَّاتُ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الْكُوفِيُّ وَهُوَ مَشْهُورٌ ثِقَةٌ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الأَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ الأَسْوَدَ بْنَ سَرِيعٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَيْشًا فَأَفْرَطُوا فِي قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى تَنَاوَلُوا الذُّرِّيَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا بَالُ أَقْوَامٍ أَفْرَطُوا فِي الْقَتْلِ حَتَّى تَنَاوَلُوا الذُّرِّيَّةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَيْسُوا أَوْلاَدَ الْمُشْرِكِينَ‏؟‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوَلَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلاَدَ الْمُشْرِكِينَ فَبَانَ لَنَا بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْحَسَنَ حَدَّثَ بِمَا فِيهِمَا وَبِمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ الأَسْوَدِ عَنِ الأَسْوَدِ سَمَاعًا‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا الْهَرَوِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا آدَم بْنُ أَبِي إيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا وَيُنَصِّرَانِهَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ أَجَازَ لَنَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي‏:‏ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ‏,‏ فَقَالَ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ وَقَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ الْمُسْلِمُونَ بِالْجِهَادِ‏.‏

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُهَوِّدَهُ أَبَوَاهُ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ مَا وَرِثَاهُ‏;‏ لأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهُمَا كَافِرَانِ وَلَمَا جَازَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُسْبَى فَلَمَّا نَزَلَتْ الْفَرَائِضُ وَجَرَتْ السُّنَنُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَوْلُودٌ عَلَى دِينِهِمَا‏.‏

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَأْوِيلِهِ‏,‏ فَقَالَ تَأْوِيلُهُ الْحَدِيثُ الآخَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُمْ يُولَدُونَ عَلَى مَا يَصِيرُونَ إلَيْهِ مِنْ إسْلاَمٍ أَوْ كُفْرٍ‏,‏ فَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ‏,‏ وَمَنْ كَانَ عِلْمُهُ فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا يَمُوتُ كَافِرًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَحَدُ التَّفْسِيرَيْنِ قَرِيبٌ مِنْ الآخَرِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِمَّا جَنَحَ إلَيْهِ أَبُو عُبَيْدٍ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ مِمَّا قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ الْجِهَادُ‏,‏ وَفِي حَدِيثِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةٍ مِنْ غَزَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي هِيَ الْجِهَادُ ثُمَّ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا‏,‏ وَقَالُوا فِي تَأْوِيلِهِ مَا قَدْ وَصَفْنَا بَعْدَ جَعْلِنَا إيَّاهُ كُلَّهُ حَدِيثًا وَاحِدًا وَأَثْبَتْنَا فِيهِ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَزَالُ عَلَيْهَا حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ اعْتَبَرْنَا مَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْفِطْرَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} أَيْ‏:‏ خَالِقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ عَنْ الْمَصَادِرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ أَيْضًا {وَمَالِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} أَيْ‏:‏ الَّذِي خَلَقَنِي‏,‏ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أَيْ‏:‏ مِلَّةَ اللَّهِ الَّتِي خَلَقَ النَّاسَ عَلَيْهَا‏,‏ وَكَذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ عَنْ الْمَصَادِرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي أَشْيَاءَ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي وَكَانَتْ الْفِطْرَةُ فِطْرَتَيْنِ‏:‏ فِطْرَةً يُرَادُ بِهَا الْخِلْقَةُ الَّتِي لاَ تَعَبُّدَ مَعَهَا‏.‏

وَفِطْرَةً مَعَهَا التَّعَبُّدُ الْمُسْتَحِقُّ بِفِعْلِهِ الثَّوَابَ وَالْمُسْتَوْجِبُ بِتَرْكِهِ الْعِقَابَ‏,‏ وَكَانَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ يُرِيدُ الْفِطْرَةَ الْمُتَعَبِّدُ أَهْلُهَا الْمُثَابُونَ وَالْمُعَاقَبُونَ فَكَانَ أَهْلُهَا الَّذِينَ هُمْ كَذَلِكَ مَا كَانُوا غَيْرَ بَالِغِينَ مِمَّنْ خُلِقَ لِلْعِبَادَةِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}‏,‏ وَإِنْ كَانُوا قَبْلَ بُلُوغِهِمْ مَرْفُوعًا عَنْهُمْ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ غَيْرَ أَنَّهُمْ إذَا عَبَّرَتْ عَنْهُمْ أَلْسِنَتُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ إيمَانٍ أَوْ مِنْ كُفْرٍ كَانُوا مِنْ أَهْلِهِ‏,‏ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُثَابِينَ عَلَى مَحْمُودِهِ وَغَيْرَ مُعَاقَبِينَ عَلَى مَذْمُومِهِ‏,‏ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَزَالُ عَلَيْهَا حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ وَلِذَلِكَ قَبِلَ صلى الله عليه وسلم إسْلاَمَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَأَدْخَلَهُ فِي جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ‏,‏ وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ خُرُوجَ مَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِالرِّدَّةِ فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ الإِسْلاَمِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ الْمَنْعَ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ أَبَوَيْهِ الْمُسْلِمَيْنِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُشَرِّكَانِهِ‏.‏

أَيْ‏:‏ بِتَهْوِيدِهِمَا أَوْ بِنَصْرَانِيَّتِهِمَا أَوْ بِشِرْكِهِمَا فَيَكُونُ سَبْيًا إنْ كَانَ أَبَوَاهُ حَرْبِيَّيْنِ‏,‏ وَمَأْخُوذًا بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلاً بِالْجِزْيَةِ إنْ كَانَ أَبَوَاهُ ذِمِّيَّيْنِ‏,‏ فَهَذَا عِنْدَنَا تَأْوِيلُ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي إبَاحَتِهِ تَحْلِيَةِ السَّيْفِ بِالْفِضَّةِ

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ كَانَتْ قَبَائِعُ سَيْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِضَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ كَانَ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِضَّةً‏,‏ وَقَبِيعَتُهُ فِضَّةً‏,‏ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ حِلَقُ فِضَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِضَّةً‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ طَالُوتَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ‏:‏ كَانَ سَيْفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَنَفِيًّا‏,‏ وَكَانَتْ قَبِيعَتُهُ فِضَّةً وَعُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ بَصْرِيٌّ تَمِيمِيٌّ يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ وَيُعْرَفُ بِالْكَاتِبِ‏,‏ وَأَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرِ بْنِ دِرْهَمٍ هَذَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏‏,‏ وَفِيمَا ذَكَرْنَا اسْتِعْمَالُ الْفِضَّةِ فِي هَذَا كَاسْتِعْمَالِهَا فِي الْخَوَاتِيمِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْفِضَّةِ الْمَكْرُوهَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ كَاسْتِعْمَالِ الْعَجَمِ إيَّاهَا مِنْ الأَكْلِ فِيهَا وَمِنْ الشُّرْبِ فِيهَا وَمِمَّا كَانُوا يَتَّخِذُونَهَا آنِيَةً لَهُمْ كَمَا يَتَّخِذُونَ الصُّفْرَ وَالْحَدِيدَ لاَ غَيْرَ ذَلِكَ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَعَنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ أَفْعَالِهِمَا مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ عُمَرَ مِنْ فِضَّةٍ‏,‏ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَقَلَّدُهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ‏,‏ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَقَلَّدُ سَيْفَ عُمَرَ وَكَانَ مُحَلًّى‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ قَالَ‏:‏ كَانَ سَيْفُ عُمَرَ مُحَلًّى بِالْفِضَّةِ فَقُلْت لِنَافِعٍ عُمَرُ حَلَّاهُ قَالَ‏:‏ لاَ أَدْرِي قَدْ رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يَتَقَلَّدُهُ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَالأَصْمَعِيُّ قَالاَ‏:‏ ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو وَحْشِيَّةَ الصَّيْقَلُ قَالَ‏:‏ بَعَثَ إلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْرَجَ إلَيْنَا سَيْفَيْنِ أَحَدُهُمَا مُرْهَفٌ حَلَقَتُهُ فِضَّةٌ فَقَالَ‏:‏ هَذَا سَيْفُ الصِّدِّيقِ هَذَا سَيْفُ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الزُّبَيْرِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي‏:‏ ابْنَ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ‏:‏ رَأَيْت سَيْفَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ مُحَلًّى بِالْفِضَّةِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي اسْتِعْمَالِهِ بُرَةَ الْفِضَّةِ لِهَدْيِهِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ‏,‏ وَهُوَ ابْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْدَى جَمَلَ أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ بِمَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ فِي رَأْسِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ جَمَلَ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَعَلَيْهِ خِشَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ وَهُوَ الزِّمَامُ قَالَ‏:‏ وَلَكِنْ الزِّمَامُ فِي اللَّحْمِ وَالْخِشَاشُ يَكُونُ فِي الْعَظْمِ وَمَا فَعَلَ ذَلِكَ إِلاَّ لِيَغِيظَ بِهِ قُرَيْشًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَتَوَهَّمْنَا أَنَّ أَبَا يَحْيَى الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ هُوَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى كُنْيَةِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ فَإِذَا هُوَ أَبُو يَسَارٍ وَهُوَ مَوْلًى لِثَقِيفٍ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَبَا يَحْيَى الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ هُوَ الْقَتَّاتُ وَالْكَلاَمُ الَّذِي جِئْنَا بِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا يُغْنِينَا عَنْ الْكَلاَمِ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ‏.‏

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْدَى مِائَةَ بَدَنَةٍ فِيهَا جَمَلٌ لأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي أَمْرِهِ الَّذِي أُصِيبَ أَنْفُهُ أَنْ يَتَّخِذَ مَكَانَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَوْصِلِيُّ‏.‏

وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ الْخَصِيبِ بْنِ نَاصِحٍ وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى ‏(‏ح‏)‏ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالُوا جَمِيعًا ثنا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَدِّهِ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ أَنَّهُ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلاَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاسْتَعْمَلَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَشَكَا ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ فَفَعَلَ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَبَّانُ عَنْ سَلْمِ بْنِ زَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلاَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إبَاحَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ أَنْ يَتَّخِذَ مَكَانَ أَنْفِهِ الَّذِي أُصِيبَ بِهِ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ لَمَّا اشْتَكَى إلَيْهِ أَنَّ الأَنْفَ الَّذِي اتَّخَذَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَرِقِ أَنْتَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَهَلْ كَانَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ تَحْرِيمِهِ لُبْسَ الذَّهَبِ أَوْ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ لُبْسَهُ فَإِنَّ لُبْسَ الذَّهَبِ قَدْ كَانَ مُبَاحًا ثُمَّ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الرِّجَالِ‏.‏

وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ فَرَمَى بِهِ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ‏:‏ قَرَأْت عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ قَالَ‏:‏ فَنَبَذَهُ وَقَالَ‏:‏ لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ قَالَ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِبَاسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَمَ الذَّهَبِ إذْ كَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُبَاحًا وَنَبْذُهُ إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا عَادَ لُبْسُهُ حَرَامًا فَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ عَرْفَجَةَ بِاِتِّخَاذِ أَنْفٍ مِنْ ذَهَبٍ فِي حَالِ الإِبَاحَةِ لِلُبْسِ الذَّهَبِ فَلاَ حُجَّةَ لَكُمْ فِي إبَاحَةِ مِثْلِهِ الآنَ فِي حَالِ تَحْرِيمِ لُبْسِ الذَّهَبِ‏,‏ وَلاَ دَلِيلَ مَعَكُمْ فِي مَا كَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِعَرْفَجَةَ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ لُبْسَ الذَّهَبِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّا لَمْ نَأْتِ بِحَدِيثِ عَرْفَجَةَ هَذَا لِمَا أَتَيْنَا بِهِ لَهُ إِلاَّ بَعْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عِنْدَنَا أَنَّ إبَاحَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرْفَجَةَ مَا أَبَاحَهُ إيَّاهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي حَدِيثِهِ كَانَ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ لُبْسَ الذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ وَذَلِكَ أَنَّ عَرْفَجَةَ قَدْ كَانَ قَبْلَ تَشَكِّيهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا ذَكَرَ تَشَكِّيهِ إيَّاهُ إلَيْهِ فِي حَدِيثِهِ لَوْ كَانَ فِي إبَاحَةِ لُبْسِ الذَّهَبِ لَهُ قَدْ كَانَ غَنِيًّا عَنْ اسْتِعْلاَمِ حُكْمِ نَفْسِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِلْمِ نَفْسِهِ بِذَلِكَ‏;‏ لأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَعْرِفُ الْوَرِقَ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَلْحَقُهُ الصَّدَأُ حَتَّى يَكُونَ سَبَبًا لِإِنْتَانِهِ عَلَيْهِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ‏,‏ وَأَنَّ الذَّهَبَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ إذْ كَانَ لاَ يَلْحَقُهُ الصَّدَأُ الَّذِي يَكُونُ عَنْهُ مِنْ الإِنْتَانِ مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي الْوَرِقِ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ فَقَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى اسْتِعْلاَمِهِ مِنْ خِلاَفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتَسَاوِي النَّاسِ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا قَصَدَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَشَكَّى ذَلِكَ إلَيْهِ إرَادَةً مِنْهُ أَنْ يُبِيحَهُ اتِّخَاذَ مَا لاَ يُنْتِنُ عَلَيْهِ إذَا جَعَلَهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهِ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ احْتِيَاجُهُ عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ فِي الدِّيَانَةِ فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ وَأَمَرَهُ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ فِيهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِمَّا قَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِثْلِهَا وَهُوَ شَدُّ الأَسْنَانِ إذَا تَحَرَّكَتْ بِمَا يُحْتَاجُ إلَى شَدِّهَا بِهِ مِنْ وَرِقٍ وَمِنْ ذَهَبٍ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي شَدِّهَا بِالذَّهَبِ قَوْلاَنِ مُخْتَلِفَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا كَرَاهَةُ ذَلِكَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلاَفًا‏.‏

وَالآخَرُ مِنْهُمَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ قَالَ‏:‏ أَبُو حَنِيفَةَ لاَ بَأْسَ أَنْ يَشُدَّهَا بِالذَّهَبِ وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلاَفًا وَفِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَشُدَّهَا بِالذَّهَبِ وَقَالَ‏:‏ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي رَأْيِهِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ لاَ بَأْسَ أَنْ يَشُدَّهَا بِالذَّهَبِ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إبَاحَةُ شَدِّهَا بِالذَّهَبِ‏.‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالاَ‏:‏ ثنا أَبُو الأَشْهَبِ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ‏:‏ رَأَيْت الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرَ الْكُوفَةِ قَدْ ضَبَّبَ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُد قَالاَ‏:‏ ثنا طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ رَأَيْت صُفْرَةَ الذَّهَبِ بَيْنَ ثَنَايَا أَوْ قَالَ‏:‏ ثَنِيَّتَيْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّشَيْطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ‏:‏ رَأَيْت الْحَسَنَ يَشُدُّ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَوْنٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ كَانَ قَدْ بَلَغَ سِنًّا وَكَانَ يُولَدُ لَهُ فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهُ فَأُعِيدَتْ بِسِلْسِلَةٍ مِنْ ذَهَبٍ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَكَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ‏:‏ رَأَيْت أَبَا التَّيَّاحِ وَأَبَا حَمْزَةَ وَأَبَا نَوْفَلِ بْنَ أَبِي عَقْرَبٍ قَدْ ضَبَّبُوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُرْفَانُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُرْفَانَ الْبَزَّازُ الْبَصْرِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ رَأَيْت يَزِيدَ الرِّشْكَ مُشَبَّكَةً أَسْنَانُهُ بِالذَّهَبِ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ‏:‏ رَأَيْت عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ قَاضِيَ الْبَصْرَةِ قَدْ شَدَّ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْد بْنِ مَنْجُوفٍ قَالَ‏:‏ رَأَيْت أَبَا رَافِعٍ مُشَبَّكَةً أَسْنَانُهُ بِالذَّهَبِ‏.‏

قَالَ لَنَا أَبُو أُمَيَّةَ‏:‏ وَرَأَيْت بَدَلَ بْنَ الْمُحَبَّرِ وَهَوْذَةَ بْنَ خَلِيفَةَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ زِيَادٍ سَبَلاَنَ مُشَبَّكَةً أَسْنَانُهُمْ بِالذَّهَبِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏‏,‏ وَلاَ نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ خِلاَفًا لِهَذَا الْقَوْلِ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي يُخَالِفُهُ فِيهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ لاَ سِيَّمَا‏,‏ وَقَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مِنْ الإِبَاحَةِ لِعَرْفَجَةَ مَا قَدْ كَانَ مِمَّا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الشُّرْبِ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَفِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الأَوَانِي مِنْ الْخَشَبِ الْمُضَبَّبَةِ أَمْ لاَ‏؟‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ رَأَيْت عِنْدَ أَنَسٍ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ فِضَّةٌ أَوْ شُدَّ بِفِضَّةٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِمَّا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مِمَّا فِيهِ أَعْظَمُ الْحُجَّةِ فِي إبَاحَتِهِ‏,‏ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَهُ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنْ لاَ بَأْسَ بِالشُّرْبِ فِي الإِنَاءِ الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَدْ صَارَ فِي إبَاحَةِ هَذَا الْمَعْنَى لِمَنْ يَقُولُ بِإِبَاحَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُ رَجُلٍ جَلِيلٍ فَقِيهٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَلَّانُ جَارُنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ انْصَدَعَ قَدَحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ قَالَ‏:‏ عَاصِمٌ‏,‏ وَقَدْ رَأَيْت الْقَدَحَ وَشَرِبْت فِيهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا‏,‏ وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ إنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ إسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الشُّرْبِ فِي الإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ فِي الْكَرَاهَةِ لِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ خُصَيْفِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أُتِيَ بِقَدَحٍ مُفَضَّضٍ يَشْرَبُ فِيهِ فَأَبَى أَنْ يَشْرَبَ قَالَ‏:‏ نَافِعٌ إنَّ ابْنَ عُمَرَ مُنْذُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَشْرَبُ فِي الإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ لَيْسَ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ إذْ كَانَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا هُوَ نَهْيُهُ عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ‏,‏ وَالْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا عَلَى ذَلِكَ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ‏,‏ وَإِنَّمَا الَّذِي جِئْنَا بِهَذَا الْبَابِ مِنْ أَجْلِهِ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ الشُّرْبِ فِي الإِنَاءِ الْخَشَبِ إذَا كَانَ فِيهِ فِضَّةٌ كَالضَّبَّةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَيُبِيحُ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ‏,‏ وَمِمَّنْ كَانَ يُبِيحُهُ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَيَكْرَهُهُ بَعْضُهُمْ وَيَنْهَى عَنْهُ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ كَمَا اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَبْلَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَطْلَقَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَحَظَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ‏,‏ وَلَيْسَ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الآخَرِ إِلاَّ بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ‏,‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي قَدَحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الأَوْلَى مِنْ ذَيْنِكَ الْقَوْلَيْنِ مَا قَالَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مِنْهُمَا‏,‏ وَقَدْ وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ وَأَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ أَعْلاَمَ الْحَرِيرِ الَّتِي فِي الثِّيَابِ مِنْ عَيْنِ الْحَرِيرِ مِنْ الْكَتَّانِ وَمِنْ الْقُطْنِ فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ نَهْيَهُ عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الْخَشَبِ الَّتِي فِيهَا الْمَسَامِيرُ وَالضَّبَّاتُ مِنْ الْفِضَّةِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت الْمَسَكَةَ أَتُشَدُّ بِالذَّهَبِ قَالَ‏:‏ لاَ‏,‏ وَلَكِنْ اجْعَلُوهُ فِضَّةً وَصَفِّرُوهُ بِالزَّعْفَرَانِ‏.‏

فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَتِهِ صلى الله عليه وسلم اسْتِعْمَالَ الْفِضَّةِ مِسْكًا وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا مَنَعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا خَالِصَةً مَلْبُوسَةً كَمَا يُلْبَسُ مَا يُجْعَلُ مِسْكًا لَهَا‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ نَهَى عَنْهُ مِنْ الْفِضَّةِ وَذَكَرَ حُذَيْفَةُ فِي حَدِيثِهِ الذَّهَبَ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ‏,‏ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ‏:‏ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثنا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ‏:‏ اسْتَسْقَى حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ‏:‏ إنِّي كُنْت نَهَيْتُهُ عَنْهُ فَأَبَى أَنْ يَنْتَهِيَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَقَالَ‏:‏ دَعُوهُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الضَّرِيرُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ ‏(‏ح‏)‏ وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالاَ ثنا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْد بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ‏:‏ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِي هَذَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ الشُّرْبُ فِي الآنِيَةِ مِنْ الْخَشَبِ الَّتِي قَدْ خَالَطَهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ‏,‏ وَقَدْ كَانَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْقَلِيلِ مِنْ الْحَرِيرِ يُخَالِطُ الثَّوْبَ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ كَرَاهِيَةَ لُبْسِ ذَلِكَ الثَّوْبِ كَمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لَوْ كَانَ حَرِيرًا كُلُّهُ‏,‏ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَاحُوا مِنْ ذَلِكَ مَا حَظَرَهُ فَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ رضي الله عنه مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ‏:‏ رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى جُبَّةً فِيهَا خَيْطٌ أَحْمَرُ فَرَدَّهَا فَأَتَيْت أَسْمَاءَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ‏:‏ بُؤْسًا لاِبْنِ عُمَرَ يَا جَارِيَةُ نَاوِلِينِي جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْرَجَتْ إلَيْنَا جُبَّةً مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجِ بِالدِّيبَاجِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ أَفَلاَ تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ كَرِهَ الْجُبَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ حَرِيرٍ لِلْخَيْطِ الَّذِي كَانَ فِيهَا مِنْ الْحَرِيرِ كَمَا يَكْرَهُهَا لَوْ كَانَ كُلُّهَا مِنْ الْحَرِيرِ فَكَذَلِكَ كَانَ مَذْهَبُهُ فِي الإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْفِضَّةِ إذَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ فِضَّةٍ يَكْرَهُهُ كَمَا يَكْرَهُهُ لَوْ كَانَ كُلُّهُ فِضَّةً‏,‏ وَقَدْ خَالَفَتْهُ أَسْمَاءُ فِي ذَلِكَ وَحَاجَّتْهُ فِيهِ بِجُبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ دِيبَاجٍ مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجِ بِالدِّيبَاجِ وَلَمْ تَكُنْ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا تُحَاجُّهُ بِذَلِكَ إِلاَّ وَقَدْ وَقَفَتْ عَلَى اسْتِعْمَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إيَّاهَا بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْ اسْتِعْمَالِ مِثْلِهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا حَرِيرًا‏.‏

وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَرَوَى فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ قَالاَ‏:‏ أَنْبَأَ شَرِيكٌ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ يَعْنِي‏:‏ مِنْ الْحَرِيرِ فَأَمَّا السَّدَى وَالْعَلَمُ فَلاَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه بِالْمَقْصُودِ بِالنَّهْيِ إلَيْهِ فِي النَّهْيِ عَنْ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ‏,‏ وَأَنَّهُ مَا كَانَ حَرِيرًا كُلُّهُ‏,‏ وَأَنَّ مَا كَانَ غَيْرَ حَرِيرٍ قَدْ خَالَطَهُ مِنْ الْحَرِيرِ مِثْلُ الأَعْلاَمِ أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِمَّا يُخَالِفُهُ‏;‏ لأَنَّ فِي هَذَا الإِخْبَارَ بِالْمَقْصُودِ بِالنَّهْيِ إلَيْهِ‏,‏ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَا كَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ مِنْهُ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي هَذَا الْبَابِ مَا هُوَ أَدَلُّ مِنْ هَذَا كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَامِرٍ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ‏:‏ أَتَيْنَا عُمَرَ رضي الله عنه وَعَلَيْنَا ثِيَابٌ مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ فَارِسَ أَوْ قَالَ‏:‏ كِسْرَى فَقَالَ‏:‏ بَرَّحَ اللَّهُ هَذِهِ الْوُجُوهَ قَالَ‏:‏ فَرَجَعْنَا فَأَلْقَيْنَاهَا وَلَبِسْنَا ثِيَابَ الْعَرَبِ وَرَجَعْنَا إلَيْهِ فَقَالَ‏:‏ أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْ قَوْمٍ أَتَوْنِي عَلَيْهِمْ ثِيَابُ قَوْمٍ لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ لَمْ يُلْبِسْهُمْ إيَّاهَا‏,‏ لاَ تَصْلُحُ أَوْ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا يَعْنِي الْحَرِيرَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَهَذَا عُمَرُ يَقُولُ هَذَا‏,‏ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْحَرِيرِ فِي ذَلِكَ الْفِضَّةُ الَّتِي قَدْ نَهَى عَنْهَا أَنْ يُشْرَبَ فِيهَا إذَا كَانَتْ آنِيَةً‏,‏ لاَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الشُّرْبُ فِيمَا هُوَ مِنْ الْخَشَبِ مِنْ الآنِيَةِ الَّتِي قَدْ خَالَطَتْهَا الْفِضَّةُ مِنْ تَسْمِيرِهَا وَمِنْ تَضْبِيبِهَا بِهَا‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ‏:‏ رَأَيْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أُتِيَ بِشَرَابٍ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ فَرَدَّهُ فَأُتِيَ بِقَدَحٍ غَيْرِ مُفَضَّضٍ فَشَرِبَ قَالَ‏:‏ جَرِيرٌ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ ابْنَةِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ أَبَتْ عَائِشَةُ أَنْ تُرَخِّصَ لَنَا فِي تَفْضِيضِ الآنِيَةِ‏.‏

فَقَالَ‏:‏ قَائِلٌ فَقَدْ خَالَفَ هَذَا مَا قَدْ رَوَيْتَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الْمِسْكِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الأَمْرَ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ وَلَكِنَّ ابْنَةَ أَبِي عَمْرٍو هَذِهِ لَيْسَتْ، عَنْ عَائِشَةَ كَمُجَاهِدٍ عَنْهَا‏,‏ إذْ كُنَّا لَمْ نَسْمَعْ لَهَا ذِكْرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ وَإِذْ كَانَتْ لَيْسَ مِمَّنْ يُعَارَضُ بِمِثْلِهَا مُجَاهِدٌ لِجَلاَلَةِ مِقْدَارِ مُجَاهِدٍ فِي الرِّوَايَةِ وَلِعِظَمِ مِقْدَارِهِ فِي الْفِقْهِ‏.‏

فَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَرَاهَةِ سَالِمٍ فِي مَا قَدْ كَرِهَهُ فِيهِ لِمَا وُقِفَ عَلَيْهِ مِنْ مَذْهَبِ أَبِيهِ رضي الله عنه كَانَ عَنْهُ فِيهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا بِهِ لَوْ وُقِفَ عَلَى مَذْهَبِ جَدِّهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ فِي الْحَرِيرِ الَّذِي بُدِّلَ فِي الْفِضَّةِ عَلَى خِلاَفِ مَذْهَبِ أَبِيهِ فِيهَا لَكَانَ قَوْلُ جَدِّهِ فِي ذَلِكَ أَوْلَى عِنْدَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِيهِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَدْ خَالَفَ سَالِمًا فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَمْثَالِهِ مِنْ التَّابِعِينَ غَيْرُ وَاحِدٍ‏.‏

مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ وَسَقَاهُ فِيهِ‏,‏ وَمِنْهُمْ طَاوُسٍ‏.‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ‏:‏ اسْتَسْقَى طَاوُسٍ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مُضَبَّبٍ بِفِضَّةٍ فَقَالَ‏:‏ لِمَ جُعِلَ هَذَا‏؟‏ أَلِكَسْرٍ بِهِ‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ لاَ قَالَ‏:‏ فَشَرِبَ وَنَاوَلَنِي‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ‏:‏ رَأَيْت طَاوُسًا يَشْرَبُ فِي إنَاءٍ مُضَبَّبٍ بِفِضَّةٍ‏.‏

وَمِنْهُمْ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا بِالشُّرْبِ فِي الْقَدَحِ الْمُفَضَّضِ مَا لَمْ يَضَعْ فَاهُ عَلَى الْفِضَّةِ‏.‏

وَمِنْهُمْ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا كَانَا لاَ يَرَيَانِ بَأْسًا بِالْقَدَحِ الْمُفَضَّضِ أَنْ يُشْرَبَ فِيهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ‏:‏ لاَ نَعْلَمُ بِالْقَدَحِ الْمُفَضَّضِ بَأْسًا‏.‏

وَمِنْهُمْ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ كَانَ الْحَسَنُ يَشْرَبُ بَيْنَ الضَّبَّتَيْنِ قَالَ‏:‏ قَتَادَةَ وَكَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ لاَ يَرَى بِهِ بَأْسًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ‏,‏ وَأَنَّهُ كَمَا قَالَهُ مُبِيحُو ذَلِكَ لاَ كَمَا قَالَهُ مُخَالِفُوهُمْ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْوُقُوعِ عَلَى الْحَامِلِ وَهِيَ كَذَلِكَ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ‏:‏ ثنا أَبُو دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ بْنِ نُفَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً عِنْدَ خِبَاءٍ أَوْ عِنْدَ فُسْطَاطٍ مُجِخًّا فَقَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّ صَاحِبَ هَذِهِ أَنْ يُلِمَّ بِهَا لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لاَ يَحِلُّ لَهُ وَكَيْفَ يَسْتَرِقُّهُ وَهُوَ لاَ يَحِلُّ لَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لاَ يَحِلُّ لَهُ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أُمِّهِ مِنْ وَطْئِهِ إيَّاهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ ابْنًا لَهُ‏,‏ كَمَا قَدْ تَأَوَّلَهُ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّ فِيهِ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ نَسَبَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أُمِّهِ قَدْ لَحِقَ بِهِ مَعَ لُحُوقِهِ بِاَلَّذِي كَانَ ابْتِدَاءُ حَمْلِهَا بِهِ مِنْهُ‏;‏ لأَنَّ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ يُوَرِّثُ الْوَلَدَ مِنْ أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ يَلْحَقُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا‏.‏

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لاَ يَحِلُّ لَهُ ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ لِنَجِدَ فِيهِ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَلَيْهِ مُخَالَفَةً أَوْ مُوَافَقَةً‏.‏

فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيَّ وَفَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا قَدْ حَدَّثَانَا قَالاَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَسَدٌ قَدِيمًا مَرْضِيًّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ مِنْ السَّبَايَا بِخَيْبَرَ فَقَالَ‏:‏ لِمَنْ هَذِهِ فَقَالُوا‏:‏ لِفُلاَنٍ قَالَ‏:‏ أَيَطَؤُهَا قَالُوا نَعَمْ قَالَ‏:‏ لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تُدْرِكُهُ فِي قَبْرِهِ وَيْحَهُ أَيُوَرِّثُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ أَوْ يَسْتَعْبِدُهُ‏,‏ وَقَدْ غَذَّاهُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَيُوَرِّثُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ نَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي نَسَبِهِ شَيْءٌ أَوْ يَسْتَعْبِدُهُ‏,‏ وَقَدْ غَذَّاهُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّك عَلَى مَنْعِهِ مِنْ اسْتِعْبَادِهِ إيَّاهُ لِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أُمِّهِ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ‏,‏ وَقَدْ كَانَ مَكْحُولٌ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إلَى عَتَاقِ هَذَا الْوَلَدِ عَلَى وَاطِئِ أُمِّهِ فِي حَالِ حَمْلِهَا بِهِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهَارُونُ بْنُ كَامِلٍ جَمِيعًا قَالاَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّهُ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْهُ يَعْنِي‏:‏ عَمَّنْ كَانَ مِنْهُ مِثْلُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ‏:‏ لاَ يَعْتِقُ وَلَدُهَا وَقَالَ‏:‏ مَكْحُولٌ يَعْتِقُ وَلَدُهَا وَمِمَّا دَلَّنَا عَلَى أَنَّ مَكْحُولاً إنَّمَا أَخَذَ قَوْلَهُ هَذَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ فَهْدًا وَهَارُونَ حَدَّثَانَا قَالاَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِجَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ وَهِيَ حُبْلَى فَقَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَطَؤُهَا وَهِيَ حُبْلَى‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ إنَّك تَغْذُو فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ فَإِذَا وُلِدَ فَأَعْتِقْهُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ مَلَكَتُهُ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوطَأَ حُبْلَى‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ يَعْنِي‏:‏ حُبْلَى مِنْ غَيْرِ الَّذِي يُحَاوِلُ وَطْأَهَا غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ قَوْلَ مَكْحُولٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ وَلَدُهَا‏;‏ لأَنَّ فِي هَذَا أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَعْتِقَ وَلَدَهَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ غَيْرُ عَتِيقٍ‏,‏ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ مَكْحُولٍ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَا يَعْتِقُ وَلَدُهَا لَمْ يَضْبِطْهُ مَنْ أَخَذْنَاهُ عَنْهُ وَيَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ يُعْتِقُ وَلَدَهَا أَنْ يَسْتَأْنِفَ بَعْدَ وِلاَدَةِ أُمِّهِ إيَّاهُ عَتَاقَهُ حَتَّى يَتَّفِقَ قَوْلُهُ وَمَا رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلاَ يَخْتَلِفَانِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏‏,‏ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ الْوَاطِئِ بِعَتَاقِ ذَلِكَ الْوَلَدِ إشْفَاقًا مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ ظَهَرَ بِأُمِّهِ مِمَّا كَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَمَلَ مِنْهَا لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ كَذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَكَرِهَ لَهُ اسْتِرْقَاقَهُ لِذَلِكَ وَاسْتَحَبَّ لَهُ عَتَاقَهُ إشْفَاقًا فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ نَسَبُهُ إذْ كَانَ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ ابْنُهُ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ بِمَنِّهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ مَسَّ الْحَصَا فِي الصَّلاَةِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي الأَحْوَصُ أَوْ أَبُو الأَحْوَصِ فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ‏:‏ يَعْقُوبُ وَأَظُنُّهُ أَبَا الأَحْوَصِ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ أَبُو ذَرٍّ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَلاَ يُحَوِّلْ الْحَصَى فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلاَ يَمْسَحْ الْحَصَى‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ سُوَيْد بْنُ نَصْرٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَبَا الأَحْوَصِ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ يُحَدِّثُنَا فِي مَجْلِسِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ جَالِسٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَزَالُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ‏.‏

ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم إبَاحَتَهُ مَسْحَهُ فِي الصَّلاَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ‏:‏ سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْتُهُ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى قَالَ‏:‏ وَاحِدَةً أَوْ دَعْ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ قَالَ‏:‏ قُلْت لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ مَسَحَ الْحَصَاةَ فِي الصَّلاَةِ قَالَ‏:‏ إنْ كُنْت لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَمَرَّةً وَاحِدَةً‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانٍ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْحَصَى‏؟‏ قَالَ‏:‏ إنْ كُنْت لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمَسْحِ فَقَالَ‏:‏ إنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ الْمُبَاحَةَ فِيهِ لِضَرُورَةٍ لاَ لِغَيْرِ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ وَيُكْنَى أَبَا سَعْدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاََنْ يُمْسِكَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَنْ الْحَصَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِائَةُ نَاقَةٍ كُلُّهَا سُودُ الْحَدَقِ فَإِنْ غَلَبَ أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فَلْيَمْسَحْ مَسْحَةً وَاحِدَةً‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَبَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوَاحِدَةَ الَّتِي أَبَاحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُصَلِّي إنَّمَا هِيَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَيْهَا لاَ لِمَا سِوَى ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ كَمَا يَجِبُ عَلَى مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَدْ عَلِمَهُ مِنْ التَّوَاضُعِ وَالتَّمَسْكُنِ وَالتَّبَاؤُسِ وَتَفْرِيغِ قَلْبِهِ لِمَا هُوَ فِيهِ‏,‏ وَأَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ شَاغِلٌ عَنْ صَلاَتِهِ فِي إتْمَامِهَا‏,‏ وَلاَ مُعَجِّلَ لَهُ عَنْ إكْمَالِهَا‏,‏ وَمَسْحُ الْحَصَى خُرُوجٌ مِنْهُ عَنْ ذَلِكَ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى حَظْرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَمَنْعِهِ مِنْهُ إِلاَّ عِنْدَ غَلَبَةِ الضَّرُورَةِ إيَّاهُ مِنْ اشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مَسْحُهُ الْحَصَى حَتَّى يَنْقَطِعَ ذَلِكَ عَنْهُ أَيْسَرَ مِنْ تَمَادِيهِ فِيهِ وَغَلَبَتِهِ عَلَيْهِ‏.‏

وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الصَّلاَةَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَوِّيَ الْحَصَى حَتَّى يَغْنَى عَنْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِهِ فَلاَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلاَ يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِهِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ بِاللَّيْلِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ بِاللَّيْلِ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي إسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ مَوْقُوفًا‏.‏

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَوْقَفَهُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَخَلَ بِهِ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الاِخْتِلاَفُ فَقِيلَ لَهُ وَهَلْ دَخَلَ مَا يَجِبُ بِهِ صِحَّةُ مَا رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ وَسُقُوطُ مَا رَوَى غَيْرُهُ‏;‏ لَئِنْ كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي إيقَافِهِ إيَّاهُ عَلَى عُمَرَ حُجَّةً كَانَ اللَّيْثُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَأَبُو صَفْوَانَ أَحْرَى أَنْ يَكُونُوا فِي رَفْعِهِ حُجَّةً لاَ سِيَّمَا وَهُمْ ثَلاَثَةٌ رَوَوْهُ عَنْ يُونُسَ مَرْفُوعًا وَثَلاَثَةٌ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ فَقَالَ‏:‏ فَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَأَوْقَفَهُ أَيْضًا عَلَى عُمَرَ‏.‏

وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي أَنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ قَالَ‏:‏ فَهَذَا ثَبَتَ لاِبْنِ الْمُبَارَكِ إيقَافُ هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ لَهُ إنَّ مَعْمَرًا وَإِنْ كَانَ قَدْ أَوْقَفَهُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَدْ رَفَعَهُ عَنْ عُمَرَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ وَفِي أَحَادِيثِ الأَكْثَرِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَكَانَ الَّذِي يُخَالِفُهُمَا فِي رَفْعِهِ وَيُوقِفُهُ عَلَى عُمَرَ وَاحِدٌ وَهُوَ مَعْمَرٌ‏,‏ وَاثْنَانِ بِالْحِفْظِ أَوْلَى مِنْ وَاحِدٍ لاَ سِيَّمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ رَوَى حَدِيثًا فَتَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ كَانَ مَقْبُولاً مِنْهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَزَادَا فِي حَدِيثٍ زِيَادَةَ مَنْ رُفِعَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِمَا وَجَبَتْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مَقْبُولَةً مِنْهُمَا‏.‏

وَاَلَّذِي يُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا تِبْيَانُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَلِكَ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قَدْ كَانَ فَرْضًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوْ اُنْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} قَالَ‏:‏ عَزَّ وَجَلَّ {إنَّ رَبَّك يَعْلَمُ أَنَّك تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ} فَكَانَ هَذَا هُوَ فَرْضُهُمْ فِيهِ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ‏}‏ فَكَانَتْ تَوْبَتُهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ رَفْعَ ذَلِكَ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِمْ عَنْهُمْ‏.‏

وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي رَزِينٍ عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ عَائِشَةَ فَقَالَ‏:‏ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينَا عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ‏:‏ أَلَسْت تَقْرَأُ ‏{‏يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ‏}‏ قَالَ‏:‏ قُلْت بَلَى قَالَتْ‏:‏ فَإِنَّهُ أُنْزِلَ أَوَّلُ السُّورَةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَحُبِسَتْ خَاتِمَتُهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ ثُمَّ نَزَلَتْ الرُّخْصَةُ فَكَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ‏}‏ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُخَلِّهِمْ مِنْ الْحَضِّ عَلَى الأَخْذِ بِحَظٍّ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ لِفَضْلِهِ‏,‏ وَلِمَا يُنَالُ بِهِ مِنْ الثَّوَابِ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ فِي ارْتِفَاعِ فَرْضِهِ عَنْهُمْ ذَلِكَ فِي آيَةٍ أُخْرَى وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَك عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّك مَقَامًا مَحْمُودًا‏}‏ وَذَلِكَ أَجَلُّ ثَوَابٍ‏,‏ وَإِذَا كَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ لَهُ صلى الله عليه وسلم نَافِلَةً كَانَ لِأُمَّتِهِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ‏.‏

وَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا حَضَّ عَلَيْهِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ إلَى مَا رَدَّهُ إلَيْهِ زَادَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتَهُ فِي السَّعَةِ فِي ذَلِكَ إذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَهُمْ عَنْ ذَلِكَ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ أَوْ مَا سِوَاهُمَا مِمَّا يَقْطَعُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ طَائِفَةً مِنْ النَّهَارِ‏,‏ فَجَعَلَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا كَالْقِرَاءَةِ فِي اللَّيْلِ امْتِنَانًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ وَزِيَادَةً مِنْهُ إيَّاهُمْ إلَى مَا يُوصِلُهُمْ إلَى وَعْدِهِ الْمَحْمُودِ لَهُمْ وَإِلَى مَا يُؤْتِيهِمْ مِنْ الثَّوَابِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قَوْلِهِ الدِّينُ النَّصِيحَةُ وَمِنْ جَوَابِهِ لِمَنْ قَالَ‏:‏ لَهُ لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَا أَجَابَهُ عَنْ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثَلاَثًا قِيلَ لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ وَعَنْ سُمَيٍّ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ الأَزْدِيُّ قَالَ‏:‏ أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏‏,‏ وَهَذَا الإِسْنَادُ مِمَّا يَذْكُرُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالأَسَانِيدِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ قَادِمٍ غَلِطَ فِيهِ فَأَدْخَلَ فِيهِ أَبَا سُهَيْلٍ وَهُوَ أَبُو صَالِحٍ بَيْنَ سُهَيْلٍ وَبَيْنَ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ وَيَذْكُرُونَ أَنَّ أَصْلَ هَذَا الإِسْنَادِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ نَفْسِهِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ ومِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ مَنْ بَعْدَ أَبِي صَالِحٍ أَخَذَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ سُفْيَانُ فَلَقِيت سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ فَقُلْت حَدِيثٌ حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيك أَسَمِعْتَهُ مِنْهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَمَا هُوَ‏؟‏ قُلْت‏:‏ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الدِّينُ النَّصِيحَةُ فَقَالَ‏:‏ سُهَيْلٌ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ الَّذِي سَمِعَهُ أَبِي مِنْهُ قَالَ‏:‏ سَمِعْت رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ يُحَدِّثُ بِهِ أَبِي عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ الدِّينُ النَّصِيحَةُ‏.‏

ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ إنَّمَا هُوَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَبُو صَالِحٍ سَمِعَهُ مِنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا‏.‏

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ فَخَالَفَ النَّاسَ فِي إسْنَادِهِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ قَرَأْت عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرْنَا سَوَاءً‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرَهُ فَهْدٌ عَنْ أَبِي غَسَّانٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ سُهَيْلٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَقَوِيَ فِي الْقُلُوبِ أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُهَيْلٍ هُوَ كَمَا حَدَّثَهُ عَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ لاَ كَمَا قَدْ حَدَّثَهُ سِوَاهُمَا لاَ سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ بَكَّارٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ فِي هَذَا الْبَابِ‏,‏ وَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدِّينُ النَّصِيحَةُ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ كَمِثْلِ حَدِيثِهِ عَنْ صَفْوَانَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

فَقَالَ‏:‏ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا وَتُصَحِّحُونَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ الدِّينُ النَّصِيحَةُ وَكَيْفَ يَكُونُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ‏,‏ وَقَدْ وَجَدْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ‏:‏ فِي كِتَابِهِ {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ}‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا تَلاَهُ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إذْ كَانَتْ النَّصِيحَةُ مِنْ الإِسْلاَمِ‏,‏ وَقَدْ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا مَنْ بَايَعَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْت جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَالَ‏:‏ جَرِيرٌ‏,‏ وَإِنِّي لَكُمْ لَنَاصِحٌ‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ قَالَ‏:‏ شَهِدْت جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّصِيحَةَ مِنْ الإِسْلاَمِ‏.‏

فَقَالَ‏:‏ هَذَا الْقَائِلُ أَفَهِيَ كُلُّ الإِسْلاَمِ الَّذِي هُوَ الدِّينُ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ الَّتِي رَوَيْتُمُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ‏؟‏‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ كُلَّ الدِّينِ وَلَكِنَّهَا بِمَكَانٍ مِنْ الدِّينِ جَلِيلٍ‏,‏ وَكُلُّ مَا جَلَّ مِنْ جِنْسٍ مِنْ الأَجْنَاسِ جَازَ أَنْ يُطْلَقَ لَهُ الاِسْمُ الَّذِي يُسَمَّى بِهِ ذَلِكَ الْجِنْسُ فَيُذْكَرُ بِهِ كَمَا يُذْكَرُ بِهِ ذَلِكَ الْجِنْسُ‏,‏ مِنْ ذَلِكَ أَنَّك تَقُولُ النَّاسُ الْعَرَبُ وَفِيهِمْ غَيْرُ الْعَرَبِ لِجَلاَلَةِ الْعَرَبِ فِي النَّاسِ وَلأَنَّهُمْ يَبِينُونَ بِالْخَاصِّيَّةِ الَّتِي فِيهِمْ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ فَجَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ‏:‏ هُمْ النَّاسُ‏,‏ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْمَالُ النَّخْلُ لِجَلاَلَةِ النَّخْلِ فِي الأَمْوَالِ‏,‏ وَإِنْ كَانَ فِي الأَمْوَالِ سِوَى النَّخْلِ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدِّينُ النَّصِيحَةُ هُوَ لِجَلاَلَةِ مَوْضِعِ النَّصِيحَةِ مِنْ الدِّينِ‏,‏ وَإِنْ كَانَ فِي الدِّينِ سِوَاهَا‏.‏

فَقَالَ‏:‏ هَذَا الْقَائِلُ فَمَا مَعْنَى مَا فِي تِلْكَ الآثَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِكِتَابِهِ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى تَعْلِيمِ كِتَابِهِ وَعَلَى النُّصْحِ لِمَنْ يُعَلِّمُونَهُ إيَّاهُ فِي تَعْلِيمِهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إلَى عِلْمِهِ مِنْ مُحْكَمِهِ وَمِنْ مُتَشَابِهِهِ وَمَا يَعْمَلُونَ بِهِ مِنْهُ وَمَا يَقِفُونَ عِنْدَهُ مِنْهُ‏;‏ لأَنَّ النَّاسَ كَانُوا كَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ كُنَّا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ آيَاتٍ فَمَا نَعْلَمُ الْعَشْرَ الَّتِي بَعْدَهُنَّ حَتَّى نَتَعَلَّمَ مَا أُنْزِلَ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ مِنْ الْعَمَلِ وَكَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ‏,‏ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ‏,‏ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا الَّذِينَ كَانُوا يُعَلِّمُونَا‏,‏ قَالُوا‏:‏ كُنَّا نَعْلَمُ عَشْرَ آيَاتٍ فَمَا نَتَجَاوَزُهُنَّ حَتَّى نَعْلَمَ مَا فِيهِنَّ مِنْ عَمَلٍ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ‏:‏ كَانَ أَصْحَابُنَا يُقْرِئُونَا وَيُعَلِّمُونَا وَيُخْبِرُونَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقْرِئُ أَحَدَهُمْ عَشْرَ آيَاتٍ فَمَا يُجَاوِزُهَا حَتَّى يَتَعَلَّمَ الْعَمَلَ فِيهَا قَالَ‏:‏ وَقَالُوا عَلِمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرٍ وَأَحَدُنَا يُؤْتَى الإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَتَعَلَّمُ حَلاَلَهَا وَحَرَامَهَا وَآمِرَهَا وَزَاجِرَهَا وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهَا كَمَا تَتَعَلَّمُونَ أَنْتُمْ الْيَوْمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْت الْيَوْمَ رِجَالاً يُؤْتَى أَحَدُهُمْ الْقُرْآنَ قَبْلَ الإِيمَانِ فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إلَى خَاتِمَتِهِ‏,‏ وَلاَ يَدْرِي مَا آمِرُهُ‏,‏ وَلاَ زَاجِرُهُ‏,‏ وَلاَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهُ وَيَنْتَثِرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ‏.‏

فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا كَيْفِيَّةُ تَعْلِيمِ النَّاسِ كَانَ الْقُرْآنَ وَكَيْفِيَّةُ أَخْذِهِمْ كَانَ إيَّاهُ وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَنْ كَانَ يُعَلِّمُهُ وَعَلَى مَنْ كَانَ يَتَعَلَّمُهُ مَا لاَ خَفَاءَ بِهِ عَلَى سَامِعِي هَذِهِ الآثَارِ فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَأَلَهُ عَنْ النَّصِيحَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَذِهِ الآثَارِ لِمَنْ هِيَ وَفِي ذَلِكَ النَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالنَّصِيحَةُ لَهُ هِيَ النَّصِيحَةُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ تَعْلِيمًا مِمَّنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ‏,‏ وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانُ وَجْهِ هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏